نشرة أخبار الخيال العلمي 005 | ديسمبر 2020

Uncertainty blog

scifinewsletter_5_640


“أعلم أن جزءًا من قصتنا هو الكهرباء الخاصة بارتباطنا، لكن الجزء الآخر إعجازي بنفس القدر. إنّه الحقيقة القائلة بأنك دخلت حياتي في اللحظة المضبوطة. أنت وليس شخصًا آخر. بشكل ما، أليس هذا أكثر إعجازًا من الارتباط ذاته؟ أن وجد أحدنا الآخر أساسًا”.

بليك كراوتش، المادة السوداء


View original post 322 more words

Palestine and the Syrian Revolution فلسطين والثورة السورية

Random Shelling قصف عشوائي

أدناه النصّ الأصلي والترجمة العربية وفيديو يوتيوب الكلمة التي ألقيتها يوم 17 تشرين الثاني 2013 أثناء ندوة عن الثورة السورية في نيويورك نظمتها شبكة تضامن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. شكراً للرفاق في المنشور وفي شبكة التحرير لنشرهما النصّ (: This is a transcript and a YouTube of my presentation on 17 November 2013 at a Teach in on Syria in New York organized by the MENA Solidarity Newtork US. Thanks to comrades in Tahrir-ICN and al-Manshour for publishing the texts.

ملاحظة: فيديو اليوتيوب فيه ترجمة عربية، اضغطي على CC في الأسفل إن لم تظهر

في نيسان عام 2011، قالت مدونة مصرية شهيرة أن على الثوار السوريين رفع علم فلسطين خلال مظاهرات يوم الجمعة وذلك لإثبات دعمهم للمقاومة الفلسطينية ولدحض حجة النظام بأنه يدعم القضية الفلسطينية.

اليوم أسأل نفسي، هل على السوريين القيام بذلك؟ هل على السوريين رفع العلم الفلسطيني لإثبات دعمهم لفلسطين؟ هل على السوريين تقديم أوراق اعتمادهم…

View original post 3,561 more words

جاك نيكِّر؛ وزير المالية الذي حاول إنقاذ الملكية في فرنسا

تمهيد، يُخبرنا التاريخ بكثيرٍ من تفاصيل المُستقبل، إذ إنه يُعيد نفسه نظرًا لأن الكثيرين – خُصوصًا الطبقة الحاكمة –  يرفضون التعلُّم منه، أو تأخذهم العزة بالإثم ويظنون بأنهم أكبر منه؛ سأتحدَّث عن جاك نيكر (1732 – 1804)، وزير مالية فرنسا في القرن الـثامن عشر، وكان شاهدًا على انهيار الملكية فيها، في الثورة الفرنسية، بسبب أطماع طبقة النبلاء ورجال الدين (الإكليروس).

Jacques Necker جاك نيكِّر
– المصدر: ويكيبيديا (الموسوعة الحُرَّة).

كان جاك نيكِّر من أُصولٍ سويسرية، وعمل مصرفيًا، وعاش في بحبوحةٍ من العيش، لكن دخل عالم السياسة رغبةً منه في تحقيق إنجازاتٍ سياسية، بخلاف الاقتصادية، وتوَّلى وزارة مالية فرنسا مرَّتين، في عهد الملك لويس السادس عشر.

عمل نيكِّر على إصلاح الدولة الفرنسية المتهالكة، ومن أبرز خطوات الإصلاح هذه إلغاء المئات من المناصب والوظائف الشرفية، وأعدَّ إصلاحاتٍ ضريبية ونظَّم العمل المصرفي، كما وضع حدًّا لنفقات البلاط الملكي. هذا بخلاف الإصلاحات الاجتماعية الأخرى، منها طلب تحرير الأقنان (العبيد المُزّارعين في النظام الإقطاعي) وإلغاء عُبودية الزراعة، وتحسين الرعاية الصحية والمُستشفيات، وإتاحة حق التصويت لعامة الشعب لانتخاب مُمثليهم في البرلمان. بل يُحسب لهذا الرجل أنه أوَّل وزير مالية يُتيح للشعب الاطِّلاع على تفاصيل موازنة الدولة.

لا يُمكن وصف ما قام به نيكِّر بأنه مُساندة لباقي طبقات الشعب على حساب النُبلاء، بل كان هدفه الأسمى الحفاظ على الملكية، وأراد الخير للجميع، العائلة الملكية والنُبلاء والإكليروس والطبقة الوُسطى وعامة الشعب. لكن اصطدمت إجراءات الرجل بمُعارضة النبلاء، حيث لم يُريدوا الخير لأحدٍ سواهم، وضغطوا على الملك لإلغاء القرارات التي اقترحها نيكِّر، بينما تدَّخل رجال الدين غامزين من قناة أنه بروتستانتي وليس كاثوليكـيًا، حيث إنه مذهب الدولة الرسمي.

اقترح نيكِّر في كتابه “تقرير للملك” أن يدفع النبلاء الضرائب للخروج من الأزمة المالية، على إثر ذلك أُقيل الرجل من عمله بضغطٍ من الطبقة الحاكمة والنُبلاء، الذين رفضوا خيار دفع الضرائب والمسّ بامتيازاتهم، زاد هذا الرفض الاحتقان الشعبي وقيام الثورة الفرنسية لاحقًا، و “أصبح الباقي تاريخًا” كما يُقال؛ سقطت الملكية الفرنسية وخسر النبلاء كل شيء، لأنهم رفضوا التضحية بجزءٍ مما لديهم لصالح الجميع.

قال أمير الشعراء أحمد شوقي:

وآثارُ الرجالِ إِذا تناهَتْ … إِلى التاريخِ خيرِ الحاكمينا

وأَخذكَ من فمِ الدنيا ثناءً … وتركُكَ في مسامِعِها طنينا

من يكذبُ التاريخَ يكذبْ ربهُ … ويسيءُ للأمواتِ والأحياءِ

وآثار الرجال إذا تناهت … إلى التاريخ خير الحاكمينا

وفاة حبيب الصايغ … الذي يحب “الدولة السورية”

تُوفي الشاعر والكاتب الإماراتي حبيب الصايغ، ورئيس التحرير المسؤول لصحيفة “الخليج” يوم الثُلاثاء، 20 من آب (أغسطس) 2019. عن 64 عامًا.

الشاعر والكتب الإمارات حبيب الصايغ (1955 – 2019)

ومن باب “أذكروا محاسن موتاكم”، قاد الصايغ، من مُنطلق شغله منصب الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتَّاب العرب، الجُهود لعقد مُؤتمر الاتحاد في دمشق في 2018، مما أثار انزعاج الكثيرين الذي تفاجؤوا بهذه الفعلة، ومُجسِّدًا تبعية الاتحاد للأنظمة العربية ولرغبة الإمارات العربية المتحدة الضمنية في تطبيع العلاقات مع نظام الأسد، ومُساندته في حربه ضد الشعب السوري.

دافع حبيب الصايغ في آخر لقاء له، قبل وقاته بأيام، مع صحيفة البوابة المصرية – يوجد صور للقاء مأخوذة من النُسخة المطبوعة في الأسفل، عن عقد الاجتماع في دمشق قائلًا: “ذهبنا إلى دمشق من منطلق أن هذه عواصم يجب أن تستعاد، من منطلق أن الذي لم تنجح فيه السياسة يجب أن تنجح فيه الثقافة، ولا يمكن أن نتخلى عن المواطن السوري والمثقف السوري والدولة السورية”؟

الحوار الأخير لحبيب الصايغ مع جريد “البوابة” المصرية قبل وفاته بأيام
الحوار الأخير لحبيب الصايغ مع جريد “البوابة” المصرية قبل وفاته بأيام

هل الصايغ غبي أم يتغابي؟ هل اطلع على تعريف رأس النظام لسوريا ولشعبها؟ هل يعرف أن “المسقف” السوري القابع تحت مظلة النظام أو الدولة السورية هو مُجرَّد شبِّيح برتبة كاتب أو شاعر أو صحفي؟ وأن الكُتّاب السوريين الأحرار إما مُعتقلون أو شُهداء أو أموات أو مُهجَّرون.

لم يكتَفِ الصايغ بذلك، وزاد الطنبور نغمًا، بأن ألقى اللوم على ما تمُّر به المنطقة العربية على الربيع العربي، وبأن سيئاته أكثر من حسانته، وكأنه يقول لنا عيشوا تحت حُكم الطُغاة أو أن الموت الذي يصبونه عليكم جزاؤكم على رفضكم لهم.

قبلها، في العام 2015، فتح الصايغ أبواب مكتبه لاستقبال عدد من “المسقفين” المحسوبين على نظام الأسد، أُتيحت لهم الفُرصة لإقامة ندوات وأمسيات استغلوها أفضل استغلال في الدفاع عن “ربهم الأعلى” بشار الأسد والنيل من الثورة السورية. بينما اعتذر عن استقبال مجموعة من المكتب التنفيذي لرابطة الكتّاب السوريين المُنتمي للثورة السورية بحجة أن بلاده لم تعُد تمنح حملة جوازات السفر السورية تأشيرات.

أخيرًا، اللقطات أعلاه من جنازته، التي تُبيِّن سبب مواقف الصايغ، والتي أوجزها بالمقولة القديمة في حوران “عدو جدَّك ما بوِدَّك”. والخِتام سلام.

اللهم إنّا نسألكَ حُسن الخاتمة

“اللهم إنّا نسألك حُسن الخاتمة ونعوذُ بك من سوء الخاتمة يارب” – آمين
أول القول ذكر اللـه
والشياطين نخزيها

يُخاطب الرئيس_الوالد السيِّد المُحَتْرَم طلال أبوغزالة موظفيه بـ “أبنائي وبناتي”، لكن لسان حال الخطاب “أيها العبيد والجواري”! يُريد أن يقول لنا بأنه صاحب “نظرة مبعدية” للاقتصاد العالمي. ويعطينا انطباعًا بأن شركته تُنافس آبل أو غوغل أو شيفرون أو إكسون موبيل في عُقر دارهما، لذا ستتأثَّر شركته بما سيحصل في أمريكا.

يبدو بأن الكِبْرَ والكَبر أخذا مأخذهما في الرجل، فيُبشِّرُنا أيضاً بحربٍ عالمية ثالثة. من الذي يتوقع أن حربًا عالمية تقليدية أو غير تقليدية تنشب بين أمريكا والصين؟ لا أحد، سوى في روايات الخيال العِلمي وعتاولة المجمع العسكري الأمريكي وأركان الجيوش ونُظراؤهم في دول العالم ممن يُكافحون لزيادة ميزانيات الدفاع.

في الحقيقة استعاضت هذه الدول عن الحروب العالمية التقليدية بأخرى أكثر حداثةً وإنسانيةً لهم، الحروب بالوكالة وفي الاقتصاد وفي الإنترنت، ونحن في المنطقة العربية نعيش فعلًا في أتون حرب عالمية صغرى، أُنظر لما يحدث في سوريا، يُمكننا عدّ عشرات الأطراف فيها والتحالفات الهُلامية فيها، حيث يُبدِّل الجميع مواقفهم ومواقعهم وتحالفاتهم كلما بدلوا مشط الرصاص في البُندقية. وفي الخليج العربي، حيث يُحاول الإيرانيون تفجير المنطقة، وفي فلسطين، حيث الهوس اليهودي بتحقيق نبوءة نهاية العالم، وفي قوارب المُهاجرين من شمال إفريقيا إلى أوروبا.

يحمل خطاب الرجل تناقضات كثيرة، ما فائدة زيادة الإنتاجية إذا كان هنالك كساد وغلاء وحرب عالمية ثالثة على الأبواب! حيث لن يجِد الناس قوت يومهم وستتعطَّل عجلة الإنتاج لصالح المجهود الحربي. تحلُّ الشركات العالمية مُشكلة الركود وزيادة العرض على الطلب بخفض الإنتاج من خلال تسريح طوعي لمُوظفيها، وخفض أسعار بضائعها، أو تقليص عدد ساعات العمل، أو حتى خفض رواتبهم بالاتفاق معهم، من دافع المسؤولية الاجتماعية تجاههم وعدم التخلي عنهم في هذه الظروف الصعبة، ويبدأ كبار المُوظفين بأنفسهم في خفض أجورهم.

ثم ما هي “أجهزة تاج تك” التي يُطالب موظفيه ببيعها ونحن وسط ركودٍ اقتصادي وعلى مشارف حربٍ عالمية ثالثة، هل هي أجهزة “أتاري” أو لتصفية المياه مثلًا، أم وسيلة من وسائل التسويق الشبكي الاحتيالي؟

كيف يجرُؤ على مُخاطبة موظفيه بـ “أبنائي وبناتي”؛ وفي البند السادس من “الإجراءات الضرورية” يُهددهم بالتسريح من أجل استعباد رقيق جُدُد من دول أخرى، يقبلون بأقل من الفُتات الذي يُعطيه حاليًا لـ “أبنائي وبناتي”! بخلاف تهديده الضمني بضرورة خفض الرواتب مع زيادة إنتاجِيَتهم، هذا خطاب غير مُتسِّق، يجمع ما بين المودَّة والحُب الأبوي من ناحية والقسوة والرأسمالية البحتَة من الناحية الأخرى.

للتذكير، قبل أعوام ألغى أبوغزالة قسم الترجمة التحريرية في شركته في الأردن لإنه وجد “عبيدًا” أرخص في مصر أو من اللاجئين المُضطرين للعمل بما يسد رمقهم. لذلك فإنه آخر من يحقُّ لهم تقديم النُصح للعاملين والمُوظفين في الأردن. كما لا يحق له أن يُحاضر بنا في الوطنية ويُزاود علينا بـالتسجيح وارتداء الزي العسكري لـلجيش العربي الأردني، فمن رفض – قبل سنوات – منصبًا في مجلس الأعيان لأنه سيُجرُّده من جنسيته الأجنبية، وجبَ عليه الصمت وأن لا يتكلم فيما يخصُّنا نحن الشعب الأردني الحراثين والبدو والمهاجرين واللاجئين والنازحين ممن لا جنسية لنا سوى جنسية المشرق العربي ونعمل لخبز يومنا كفافنا، وندعوه أن يُنجينا من أبوغزالة ومطيع وغيرهم.

أخيرًا، في حوران قول قديم “التقوى لقوة”، احترم عُمرك وهيبتك وإنجازاتك واختمها حياتك بأنك “تروح تشوفلك جامع تصلي فيه أو بيت ريفي حلو ومرتب مما رزقك اللـه وفضَّل عليك تقضي فيه آخر أيامك براحة وهدوء وسلام” وحل عن الشعب المُناضل من أجل قوت يومه.

الصورة الأولى، صورة لخطاب السيد طلال أبوغزالة ونرى فيه تأثرًا رفيعًا بالمسلسل التاريخي عدنان ولينا من الخيال العلمي وأدب الديستوبيا كما يُذكرنا هندامه في الصورة الأخرى بالغانم الكابتن نامق في المُسلسل

.

هدِّئ أعصابك بتناول شاي الأعشاب هذا

Lime Blossom نُوَّار الزَّيْزَفون

ترجمة لمقال بعنوان: Chill out with this hot cuppa

للكاتبة إِليزابِث لُوارد Elisabeth Luard،

نُشر بتاريخ 3 تموز (يوليو) 2018، على الموقع الشبكي البريطاني
ذا أولدي The Oldie

شاي نوار الزيزفون، منقوعٌ يُحضَّر من قُنَّابِ* الزيزفون وأزهارها اليانعة، حيث إنه كان لهذا المشروب شعبيةٌ في فرنسا تُماثُل شعبية الشاي لدينا، نحنُ القاطِنين في الضفة الأخرى من بحر المانش، حيث الأذواق مُختلفةٌ في الشاي كما الحال مع القهوة.

يُمكنك ابتياع نُوّار الزَّيْزَفون النقي في أكياسٍ صغيرة باهظة الثمن من متاجر الأطعمة الصحية أو العطّارين. يُمكنك الاستغناء عن الوسيط في هذه العملية من خلال جمع ما يلزمك من النُّوّار من الشجرة حالما يكتَمل موسم الإزهار – والوقتُ مُناسبٌ الآن. تتساقط الأوراق الغضَّة والنُوَّار الصغير الذابل عن الشجرة مُتكوِّمًا على العُشب، خفيفةٌ كالريش، تنتظِر من يجمعها.

مصدر الصور: ويكيبيديا – الموسوعة الحُرَّة – وهي إضافة منِّي وليست من أصل المقال

لتحضير المنقوع، تحتاج لوضع ست وُرَيقاتٍ يانِعاتٍ في كوبٍ من الماء المغلي، 250 ميلّيلتر، وتتركه منقوعًا من عشرة إلى اثنتي عشرَ دقيقة. يُشبه عَبَقُ هذا الشاي قش المُروج الخضراء مع نفحَة من الطِّلاوَةِ (مما يُلحَظُ في هذا الشأن أن الأوراق تكون دبِقةً عندما تتبرعَم) – لذا، تُحسِّن هذه الطَّلَاوَةُ الرقيقة الطفيفة (لنقُل بأنها عسل نُوَّار الزيزَفزن) من المذاق اللذيذ اللطيف.

طبيًّا، يُشتهَرُ نُوّار الزيزَفون بأنّه  مُهَدِّئٌ، واكتَسَب – طوال قُرون – سُمعةً بأنه علاجٌ لكل شيءٍ. استَخدَمته الحِسان الرومانيات ترياقًا للحُب، بينما وصفه أطباء العُصور الوُسطى علاجًا للصَّرْع، زادوا عليها بالتوصية للاستخدام الشامل علاجًا وقائِيًا من الطاعون – وهي فِكرةٌ لها وجاهتها، إذ أخذنا بالاعتبار أن غَلي الماء يوقف انتشار الجراثيم.

ومن بين الأنواع العديد من الزَّيزَفون التي تُزرع لقرون في مُنتزَهاتنا وحدائقنا، يحوز النوع ذو الأوراق الصغيرة Tilia Cordata – واسمه الشائع الزيزفون صغير الأوراق،

على أعلى نسبة تركيز من المُكوِّنات الفعّالة، بما في ذلك المواد الكيميائية التي تُعتبر مُضادَّةٌ للالْتِهابات (لاحظوا معنا يا مَن تُعانون من الْتِهابُ المَفاصِلِ). كما إن شُربه بانتظام قبل النوم يُزيل الإجهاد، ويُساعد على النوم فضلًا عن مُقاومته الشيخوخة – إنه شرابي المُفضَّل في أي وقتٍ من اليوم.

* قُنَّابَة: الوَرَقُ يَجْتَمِعُ فيه السُّنْبُلُ؛ وَرَقٌ مُجْتَمِعٌ في رُؤوسِ الزَّرعِ أوَّل ما يُثْمِر ويكون فيه السُّنْبُلْ.

ترجمة: خالد عبد الرحمن الناصير

تدقيق لغوي: هناء عبد الرحمن الناصير

ضربات التحالف ضد نظام الأسد

لعلّ أبرز النقاط دارت في بالي خلال مُتابعة آخر الأخبار والتحليلات حول الضربة الأمريكية هي الآتية:
– المقولة المنسوبة لابن خلدون : “الطغاة يجلبون الغزاة”
– وأخرى منسوبة لكاتب سياسي تقول: “الشيء الوحيد الثابت في منطقة الشرق الأوسط أن لا شيء ثابت”
– ومعلومة عسكرية بدهية تقول “تقنية الأسلحة الروسية – في أفضل حالاتها – مُتأخرة عشرين عامًا على الأقل مُقارنةً بنظيرتها الغربية”
– على عكس ما يقوله إعلام بوتين والأسد والخامنئي الخسائر البشرية والمادية فادحة
– ومقولة سياسية بدهية تقول “روسيا مُجرد قوة إقليمية لا أكثر”.

بالنسبة لمقولة الطًغاة يجلبون الغُزاة: من الواضح أن كل ما يحدث في سوريا الآن هو بسبب نظام الأسد، وبالنسبة للمُتباكين على ضرب النظام بحجة أنه ضربٌ لدولة عربية، لقد بينت ما وصلت إليه الثورة السورية وتحويلها لحرب أهلية أن النظام العربي الراهن ليس قادرًا على تحقيق العيش الكريم للشعوب العربية وحفظ كرامتها ولا حمايتها من تغوُّل حُكامها، ولا من احتلال الأجانب.

ما الذي جنيناه من 80 عام من “الاستقلال”! والعجز طوال السنوات السبع الماضية عن اتخاذ موقف عربي مُوحد وحاسم ضد نظام الأسد، خُصوصًا من مُدعي صداقة الشعب السوري ، ناهيكم عن التدخل لإزاحته. فيما نرى الآن عدة دُول عربية وإقليمية تُؤيد ما قام به دونالد ترامب والتحالف الدولي ضد الأسد، ردًا على هجوم دوما الكيماوي، ألم يكن من الأجدى لهذه الدول (تحديدًا: قطر والسعودية وتركيا) أن تُساعد الشعب السوري فعلًا وتُنهي مأساته في أقل مُدّة!

الأسوأ من هؤلاء أعلاه، تلك الدول التي اتخذت موقفًا ضبابيًا ومُبهمًا، مُتذرعةً بالحفاظ على “الدولةالسورية” وإعطاء الأولوية للحل السياسي مثل الإمارات والأردن، وبالتأكيد لا يُمكننا التفكير في مسألة أن يتخذ النظام المصري بقيادة عبدالفتاح السيسي (AKA: بلحة) أي موقف تجاه ما حصل، – حتى لو كان ضبابيًا.

الشيء الوحيد الثابت في منطقة الشرق الأوسط أن لا شيء ثابت“: أعتقد بأنها واضحة وتشرح نفسها بنفسها للغاية!

Self Explanatory

تقنية الأسلحة الروسية المُتأخرة مُقارنةً بنظيرتها الغربية: هذا ما بدا واضحًا في التنصل الروسي من الدفاع عن النظام، فهي تعرف بأنها حتى لو جلبت نظام مُضاد “أس 10000” فإنها لن تكون قادرة على صد الطائرات والصواريخ الأوروبية والأمريكية.

دعكم من الهُراء الإعلامي الذي تبثه “ماكينة” الإعلام الكاذب الروسي عن إسقاط 70 صاروخ وحرف مسار عشرات الصواريخ، وتصدي مُضادات الطيران “م ط” الأرضية للعدوان وما إلى ذلك، كُلنا نعرف أنه كذب بكذب، أضف إلى ذلك معرفتنا المُسبقة بأن الجيش السوري (AKA: جيش أبوشحاطة) ليس قادرًا على صدّ أي هجمة مُنظمة أو هجوم جيش مُحترف.

بالنسبة للخسائر البشرية والمادية، التي قللت وسائل إعلام نظامي الأسد وبوتين منها، يقول المثل “بكرة بيذوب الثلج ويبان المرج”، كما أستشف من حجم الحملة الإعلامية الهائلة للنظام السوري لرفع معنويات مُؤيديه أن “الخازوق” الذي ذاقوه يفوق الوصف.

أعتقد بأن قتلى النظام لن يقل عن بضع مئات من عصابات الأسد والميليشيات الشيعية ، فطبيعة الأهداف التي ضُربت تجعل من المُستحيل أن يتركها نظام الأسد خاليةً حتى من الحراسات العادية، علمًا بأن أقل فرع أمني أو عسكري للنظام عليه من الحراسات والتشديدات الأمنية ما يفوق الوصف. كما شملت الضربات قواعد لميليشيات حزب اللـه (AKA: حزبالة). والأيام القادمة كفيلة بكشف هذه الخسائر.

وأخيرًا، ظهرت روسيا الآن بحجمها الحقيقي، فهي ليست أكثر من مُجرد قُوة إقليمية، يُمكنها أن “تُشبّح” ضمن نطاق دول الاتحاد السوفياتي السابق، ولكنها لم – ولن – تكون قادرة على الحُضور الحقيقي والفعّال خارج النطاق المذكور، وبأن حُلمها بالوُصول إلى المياه الدافئة أصبح كابوسًا. وفيما كان الأسد يتبجح البارحة بدعم الروس والإيرانيين له، بدا له اليوم الحجم الحقيقي لـ “القوة الروسية”.

والأسوأ من ذلك، أن الروس ليس بمقدورهم حتى حماية أنفسهم، وفضلوا أخذ موقف المُتفرج، ناهيكم عن حماية النظام! كما تلقى الروس نصيبهم من الضربات المعنوية، عندما ألقى بيان الضربة اللوم على روسيا في عجزها عن لجم الأسد، والإذلال المُهين الذي يتعرضون له في عجزهم حتى إقناع أمريكا بالحل السياسي. وقبل ذلك، استجداء بوتين لرئيس الوزراء الصهيوني النتن ياهو للتوسط لدى ترامب في غضّ النظر عن الضربة.

وبالتأكيد، لا داعي للحديث عن الإيرانيين، ما دامت روسيا بنفسها ليست أكثر من قُوة إقليمية.

وإلى جانب روسيا، لدينا الصين، التي لم يظهر منها أي موقف قوي خلال هذه الفترة، رغم أنها تخوض هي الأخرى حربها مع إدارة ترامب ما يخص التجارة والاقتصاد، وبالنسبة للصين، فهي تُدرك نوعًا ما حجمها الحقيقي، ولا تأهبه كثيرًا ما يحصل خارج مجالها الحيوي، شرق وجنوب آسيا. لذا لا يُمكن لروسيا التعويل على الصين كحليفٍ لها وقت الحقيقة.

اضرب ترامب ولا ترحم

نعيش الآن في عالم مُتعدد الألوان، لم يعد لثُنائية الأبيض والأسود، الخبر المُطلق أو الشر مُطلق أي معنى، كما تتغير طبيعة الأحداث بما يُقوِّض الكثير من الثوابت، عبارة “عدو عدوي صديقي” لم تعُد مُناسبةً في عالمٍ جميع من فيه يُحدد تحالفاته وعداواته وفقًا لمصالحه فقط. وقال وينستون تشرشل: “في السياسة لا يوجد عدوٌ دائم أو صديقٌ دائم، هنالك مصالح دائمة”.

وفي حالة الثورة السورية، وصلت الأمور إلى حافتها، وانقلبت الكثير من المُسلمّات، قبل أعوام أسقطت تُركيا – وهي ثاني قوة في حلف شمال الأطلسي (ناتو) – طائرة حربية روسية، ولوهلة اعتقد العالم أننا على شفير حرب إقليمية على أقل تقدير. واليوم نرى الرئيس التُركي رجب طيّب إردوغان يُصافح الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني في سعيهم لحماية مصالحهم.

كما ضاعت تصريحات وزير الخارجية السعودي السيد عادل الجُبير حول إزاحة بشّار الأسد عن السًلطة أدراج الرياح ، مع اعتقاد ولي العهد السُعودي الأمير مُحمد بن سلمان بأنه يُمكن للأسد البقاء في السلطة في حال فكّ تحالفه مع النظام الإيراني، علمًا بأن الجميع يعرف بأن هذا التحالف يرقى لدرجة “الزواج الكاثوليكي” الذي لا فكاك منه سوى بالموت، حيث يعمل حاليًا على تغيير وجه سوريا من أجل “تأثيث بيت الزوجية العلوي – الشيعي”.

بشّار الأسد نفسه يُؤمن أشدّ الإيمان بأن حُلفاؤه لن يخونوه ما دام يُقدم لهم ما يُريدونه من مصالح في سوريا، تهجير سُكاني على نطاق واسع، تغيير بشري يُطيح بتركيبة المنطقة الثابتة مُنذ قُرون، والحُصول على مروحة كبيرة من المصالح الاقتصادية في سوريا تبدأ من إعفاءات جُمركية على السلع الروسية والإيرانية مع إلزامية شرائها – التي لا تجد أحدًا يشتريها أساسًا لردائتها – وانتهاءً بالسيطرة على الثروات الباطنية والمعدنية والاقتصادية لسوريا، كل ذلك في سبيل بقاء الأسد جالسًا على كُرسي الحُكم.

بالحديث عن السيطرة الاقتصادية للروس، في حين يُهاجم فُلول اليسار ومُستحثاته أية خطوة أمريكية في سوريا، ويصفونها سعيٌ للسيطرة على ثرواته، خُصوصًا النفط، تُبرم الشركات الروسية، بأوامر من بوتين، اتفاقيات جائرة مع حُكومة النظام، تسلب السوريين ثروات بلادهم بأسوأ مما يفعله الأمريكان!

ثقة بشار بحٌُلفاءه دفعته مرارًا وتكرارًا لاستخدام كل أنواع الأسلحة ضد الشعب السوري، من الرصاص الحي في المُظاهرات الأولى للثورة، وُصولًا للصواريخ والأسلحة الكيميائية، مع معرفته بأن أحدًا لن يردعه، وإن حصل ردع، فلن يتأثر، ما دام مُستمًا في مُمارسة وظيفته في إبادة السوريين.

أثارت الهجمة الكيماوية الأخير على دوما بريف دمشق حفيظة الجميع، خُصوصًا أنه استكمل تقريبًا تنفيذ خطته بحصار الغوطة الشرقية وإبادة ساكنيها جوعًا، ومن ثمّ قصفها بالبراميل والصواريخ وأخيرًا تهجير من تبقى للشمال السوري. والآن، نرى السجال الدولي الرسمي حول طبيعة الرد على هذه الهجمات، فيما يحتدم الجدل الشعبي حول طبيعة الرد وأسلوبه، ومن بين أخسا المخلوقات يخرج علينا عينات “مُستعربة” تجعلني أستغرب كيف أنني أتشارك معهم لسانًا واحدًا وحتى جنسية واحدة.

يرى بعض العرب، ممن ينتمون لعدة فئات فكرية وسياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، بأن الضربة الأمريكية المحتملة على النظام هي خيانة بحق العُروبة، وكأن ما كان يفعله بشار بالشعب السوري طيلة سبع سنوات كان لمصلحة الشعب! وبأنها تدميرٌ لمُؤسسات الدولة السورية ووحدتها، كيف يعتقدون بأن مثل هذا النظام الذي يفعل كل هذه الأفاعيل بحقّ شعبه وبلاده يُمثل دولة مُؤسسات وذات سيادة، ما هو موقفهم لو فتح أمن بُلدانهم أو جيشه النار على مُعتصمين في أي مدينة عربية يُطالبون بالإصلاح ومُحاسبة الفاسدين أو حتى المُطالبة بتطبيق دستور البلاد قانونًا وفعلًا والخُروج من حال الطوارئ التي تُعطل البلاد والعباد، أو سمح لميليشيات أجنبية بالدخول لبلادهم تحت ذريعة الدفاع عن آثارٍ أو قُبور لقادة أجانب على أراضي دولة عربية؟ ما ذنب ملايين السوريين ممن قُتلوا وهُجِّروا وشُرِّدوا بيد النظام وميليشياته؟ ما قيمة هذه “الدولة ومُؤسساتها” ومعناها وهي تُخالف أبسط قواعد عملها بصفتها حامية للقانون والدستور والبلاد، وتقوض أساس شرعيتها، وترتكب كل هذه الجرائم بحق الشعب الذي لم يُطالب بحريته وكرامته؟

ولأن الرد المُفصل على كل نُقطة يُثيرونها في أي مسألة تتعلق بالثورة السورية ونظام الأسد، بدءًا من قمع النظام لشعبه وُصولًا لاستخدام الكيماوي، تحتاج لكُتب كثيرة، فإنني يُمكن اختصار الرد إلى هذه الفقرة:

ما يزال الرد الدولي على ما يرتكبه نظام الأسد بحق السوريين قاصرٌ للغاية، ولا يرقى لمُستوى رد الفعل العملي على حادث سير في مدينة أوروبية، وما يزال الأمر رهينًا بسلسلة من التجاذبات والتوازنات بين روسيا والصين وأوروبا وأمريكا، ولكن مهما كان الأمر فإن توجيه ضربة عسكرية غربية ضد نظام الأسد، حتى لو كانت رمزيةً مُقارنة بما يفعله الروس والإيرانيين بحق الشعب السوري، وتحت أي سبب وأي تفاهمات أو سياسات، ستكون شكلًا من أشكال الانتقام ضد بشار الأسد وميليشياته وحُلفاءه، وهي تُشفي بالتأكيد قُلوب ملايين الثكلى والمُحاصرين والأطفال، لكنها ستُتيح لهم الخُلود للراحة بضع ساعات، بينما يكون الأسد وعصاباته مذعورين ويركضون للاختباء من الضربة. وتُحدد الحجم الحقيقي للقوة الروسية المُتخيلّة في السياسة الدولية.
كما أن من يُؤيد مثل هذه الضربة – رغم الشكوك حول نجاعتها – لا يقل عُروبةًُ عن مُعارضيها، فإذا كان هنالك من يرى العُروبة بصورة الطاغية وتماثيله تحتل ساحات البلاد ومدارسه، فإن هنالك من يراها بكرامة الشعب العربي وحُريته. ولم يكُن ليفرح بهذه الضربة ولا بترامب لو كان هنالك موقفٌ عربي حازم يتخذه قادة عرب حقيقيون لوقف ما ارتكبه ويرتكبه بشار الأسد وحُلفاءه من روسيا وإيران بحق الشعب السوري.

دُمتُم بخير.

 

الإمارات الشريك العربي الأول لإيران

أشار خبر لـ “إيماسك – مركز الإمارات للدراسات الإعلام” بأن دولة الإمارات العربية المتحدة الشريك الأول لإيران على المُستوى العربي!

قد يبدو هذا مُفاجئًا على اعتبار أن أحد أسباب تحريض الإمارات على دولة قطر هو علاقتها مع إيران.
بحُكم عملي كمُترجم، تعاملت مع كثير من المستندات التجارية بين شركات وأفراد إيرانيين وإماراتيين، تكشف حجم تغلغل الإيرانيين – أو النفوذ الفارسي في الإمارات، لدرجة أنه وصلني مُلاحظة شخصية مُباشرة من مُدير المكتب في #دبي تفيد بعد استخدام تعبير  الخليج العربي في الترجمة، ﻷنه يُثير الحساسية والامتعاض، ليس بين الإيرانيين وحسب، لا بل بين الكثير من الأطراف الإماراتية، ولما استغربت ذلك من طرف الإماراتيين – الذين يُفترض بأنهم عرب، قال لي بتحسّر “هظول مش عرب، ثث أرباعهم إيرانيين مجنَّسين!”
فضلًا عن استعمال هذه العلاقات التجارية للالتفاف على الحصار المفروض على إيران، ولتبييض الأموال، وتهريب النفط الإيراني ومواد خطيرة، جميعها تضر بـالمصالح العربية.

مزيد من التفاصيل حول حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإيران، بالأرقام وغيرها، في  هذا الرابط. وفيه وردت المعلومة التالية:

صدرت الإمارات لإيران سلعًا بقيمة 8.7 مليارات دولار أمريكي، واستوردت من إيران سلعًا بقيمة 4.2 مليارات دولار.

 

جدير بالذكر أن للإيرانيين نفوذ كبير في مجال الشركات المالية والعقارية والتجارية، وهنالك العديد منها واجهات لتبييض الأموال أو لتحقيق الأرباح السريعة، ليس للنظام الإيراني وحسب، بل لكثير من الجهات المرتبطة به كـ “حزب اللـه” اللبناني وأطراف موالين للنظام السوري.

ملاحظة أخيرة، ليس لي تعامل مع أي عميل قطري في أعمالي، وأرجو عدم اتهامي بأني عميل لهم، ومن يعرفني يعرف حجم كراهيتي الشديدة للإيرانيين والفرس وللشيعة، كما لا أبرئ قطر من اتباع سياسات غبية وغريبة؛ ولكنها شهادة للـه والتاريخ لا أكثر، مفادها بأن الإمارات هي آخر دولة يحق لها انتقاد علاقات الآخرين بإيران، خصوصًا أن شاهات وملالي طهران يحتلون عربستان والساحل الشرقي العربي لخليجنا، الذي كان لفترةٍ طويلة تحت حُكم شيوخ القواسم وغيرهم، والآن تحتل إيران، بصلافة وجلافة جُزر الإمارات.

 

مصدر الصورة: EMASC

انطلاقة موسم 2016 للفئة الأولى بتجارب تأهيلية مُخيبة للآمال

f1-australian-gp-2016-nico-rosberg-mercedes-amg-f1-team-w07-leads-team-mate-lewis-hamilton1
نيكو روزبرغ أمام لويس هاميلتون، مرسيدس خلال التجارب التأهيلية لجائزة أوستراليا الكبرى على حلبة آلبيرت بارك – ميلبورن – مصدر الصورة: موتورسبورت الشرق الأوسط

ها قد دارت عجلات سيارات الفئة الأولى بشكلٍ جدي من أجل خوض التجارب التأهيلية لسباق جائزة أوستراليا الكُبرى – الجولة الأولى من موسم 2016، لعلَّ الذي أضاف أهميةً لهذه التجارب كونها الأولى التي تُقام وفقًا للنظام الجديد المُعتمد على إقصاء السائقين الأبطأ واحدًا تلو الآخر بعد مرور فترةٍ من الوقت خلال القسم.
بدا القسمين الأولين مقبولين وشهدنا فيهما بعض الإثارة، ولكن يُمكن القول بأن هنالك بعض الظلم وقع على السائقين، على سبيل المثال لم يتمكن باسكال فيهرلاين من فريق مانور – مرسيدس من خوض لفةٍ حاسمة رغم أنه كان لديه دقيقة ونصف من الوقت، ولكنهما لم تكُن كافية للخروج من منصات الصيانة وخوض لفة تحمية ومن ثم لفة سريعة، مما يعني عمليًا أنه أصبح خارج المُنافسة – كان بإمكانه وفقًا للنظام القديم الخروج والقيام بلفة تحمية والبدء بخوض اللفة السريعة مع احتسابها بعد انتهاء القسم لكونه بدأها قبل انتهاء الوقت، وكذا الأمر مع العديد من السائقين الذين كان لديهم دقيقة ونصف من الوقت أثناء تواجدهم على الحلبة ولكنها لم تكن كافية للقيام بلفة سريعة أو تحسين زمنهم في لفة إضافية. ربما كان الأمر مقبولًا باعتباره أخطاء مُبتدئين في المرة الأولى لتطبيق الصيغة الجديدة نتيجةً للإرباك في أوقات الخروج والدخول.
ولكن ما أثار مُفاجئة الجميع هو القسم الثالث الأخير، الذي جاء باهتًا وسيئًا لأقصى درجة، هنا أصبحت العملية تقوم على الكثير من الحسابات والخطط حول استهلاك الإطارات فضلًا عن عامل الوقت، زادها التوقيت الخارق الذي حققه البريطاني لويس هاميلتون من مرسيدس في بداية القسم في الدقائق الأولى (1:23.837  دقيقة)، كل هذا دفع الجميع تقريبًا للتوقف عن الدوران وانتهت الفترة عمليًا قبل نهايتها الرسمية ببضع دقائق، فيما فضل فريق فورس إنديا – مرسيدس اللعب على الجانب الآمن وتوفير الإطارات من أجل سباق الغد، خاصةً وأن الفريق حقق ما يعتقد بأنه نتيجة جيدة.
كما رمى ثُنائي فيراري المنشفة مُبكرًا، بهدف الحفاظ على الإطارات من أجل السباق، إلى درجة أن الألماني سيباستيان فيتيل سلَّم بالأمر الواقع وهيمنة مرسيدس وخرج من السيارة وارتدى ملابسه الاعتيادية قبل انتهاء الفترة. لكن المُفاجأة جاءت من الألماني الآخر نيكو روزبيرج من مرسيدس الذي استسلم هو الآخر ورضي بالأمر الواقع ولم يخرج لتسجيل زمنٍ أسرع.
لعلَّ السبب في ذلك التعلم السريع لخصائص الصيغة الجديدة فضلًا عن الجهود التي بذلتها الفرق الكبيرة في التفكير ووضع الخطط الأمر الذي مكنهم من تفادي ارتكاب الأخطاء التي ارتكبتها الفرق الصغيرة، إلى جانب عامل توفير الإطارات الذي يلعب دورًا حاسمًا من أجل خطط يوم السباق والفوز بالجائزة الكبرى، ففي نهاية المطاف ترى بعض الفرق أن التغلب على مرسيدس قد لا يكون مُمكنًا من الانطلاق أولًا ولكن من خلال خطط السباق أو أن طموحها في ظل ظروف عادية لا يتعدى الصعود للمركز الثالث على منصة التتويج في أفضل الاحتمالات. في جميع الأحوال ينبغي إيجاد حل لهذا الأمر، إذ يرغب المُشجعون في نهاية المطاف بالحصول على إثارة كاملة طوال التجارب خصوصًا في القسم الأخير منها وليس أن تنتهي قبل موعدها ببضع دقائق.
يُشار إلى أن ما حصل أثار موجةً واسعة من ردود الفعل بعد ذلك، لعلَّ من أبرزها الاعتذار الذي وجهه كريستيان هورنر مُدير فريق ريد بول – تاج هوير للمُشجعين عن عدم تقديم عرضٍ جيد لهم، حيث فقدت الفترة زخمها مع توقف سائقي السيارات السريعة ودعا إلى اتخاذ إجراءاتٍ عاجلة، شاركه في هذا الرأي توتو وولف مُدير فريق مرسيدس الذي وصف التجارب التأهيلية بالمُزرية ودعا أيضاً لإعادة التفكير بها. فيما شاطره نيكي لاودا المُدير غير التنفيذي للفريق الألماني الرأي لإعادة النظر فيها.
ولعل الخبر الأبرز في هذا الصدد انضمام عرّاب البُطولة بيرني إيكليستون لجوقة المُعارضين ووصفه الصيغة الجديدة بالمهزلة والفاشلة، وأشار بأنه لم يُلبِ الهدف المطلوب منه بالضغط على السائقين لارتكاب الأخطاء وخلط الأوراق.
ومن جهةٍ أخرى قاد فيتيل جبهة السائقين المُعارضين للصيغة الجديدة ووصفها بغير المُثيرة وقال بأنها لم تكُن مُفاجئةً للسائقين الذي عارضوا القرار آنفًا، وحتى لويس هاميلتون، صاحب المركز الأول على شبكة الانطلاق، قال بأن النظام الجديد أثبت عدم فاعليته وبأنه حذر منه سابقًا وغمز من قناة الاتحاد الدولي للسيارات “فيا” عندما قال مُهندسي فريقه، المُعارضين للقرار، كانوا مُحقين في شأنه، ودعى روزبيرج من جهته للعودة فورًا لتطبيق الصيغة القديمة بعد ما حصل في هذه التجارب الجديدة.
ولكن ينبغي أن لا يُنسينا اللغط الحاصل بعض النتائج الجديدة والمُفاجئة، فقد حقق هاميلتون المركز الأول على شبكة الانطلاق للمرة الخمسين في مسيرته التسابقية، فضلًا عن الأداء القوي من طرف ثُنائي سكيوديريا تورو روسو – فيراري، فقد حل الهولندي ماكس فيرشتابن في المركز الخامس، وزميله كارلوس ساينز الابن في المركز السابع، يعود جُزءٌ كبير لهذا الأداء القوي لقوة وحدة الطاقة الجديد من فيراري، رغم أنها بمُواصفات 2015، إلى جانب سعي الفريق لاستخلاص أقصى القُدرات من الهيكل وخصائصه الانسيابية لتعويض النقص المُحتمل مُستقبلًا على أداء مُحرك فيراري بالنظر لأنه لن يتلقَ أية تحديثات خلال الموسم. كان ساينز الابن قد أشار إلى ذلك سابقًا ، ويبدو بأنهم خطواتهم الأولى في الموسم مُشجعة.
كما احتل سائقو فريق ماكلارين – هوندا ورينو  وساوبر – فيراري المراكز من 12 إلى 17 على التوالي، وهو أمرٌ قد يُثير بعض الحماسة في وسط الترتيب في ظل سعيها لاقتناص أكبر قدرٍ من النقاط والنتائج الجيدة في بداية الموسم اعتمادًا على الأخطاء التي قد يرتكبها من هُم في المُقدمة.
على كلٍّ ينبغي علينا الانتظار ليوم غد لمعرفة ما ستتمخض عنه الجولة الأولى لموسم 2016.

ترتيب شبكة الانطلاق للسباق:

تأهيلية أوستراليا
المصدر: ويكيبيديا